تطبيق
القراءة الجماعية والحزب الراتب
يقول : د. عبد الهادي حميتو في بحث مشروعية القراءة الجماعية
قراءة الحزب الراتب اليومي لتعاهد القرآن صباحا ومساء، ومدارسته بصورة دائمة خوف الذهول عن شيء منه، أو نسيانه، مما يدخل ضمن حديث "الحال المرتحل" الذي جاء التنويه بخيريته في حديث الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ فقال: الحال المرتحل، قال: وما الحال المرتحل؟ قال: الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل" (سنن الترمذي: كتاب القراءات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ص 659 حديث رقم 2948)
وهذه الصفة تنطبق على قراءة الحزب الراتب في جماعة أو قراءة القارئ منفردا، وهو أمر لا غبار عليه مرت على العمل به العصور، ووقع موقع القبول من علماء الأمة من غير نكير ممن يعتد به، وظهرت مزاياه، وثبت نفعه، وتأكدت جدواه في مجال التعليم والتحفيظ في قراءة "الأسوار" وجعله جزءا منها عند المتعلمين، وفي مجال التعاهد للقرآن خيفة النسيان بالنسبة لحفاظ القرآن، واحتياطا عليه من الهجر الذي وقع التشنيع به في قوله تعالى في سورة الفرقان: (وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)
فيقوم المواظبون على قراءة الحزب الراتب في المساجد بعمارتها بالقرآن طرفي النهار، قياما منهم بهذا الفرض الكفائي نيابة فيه عن الأمة، حتى لا تفرط في تلاوة كتاب ربها ودستور دينها، وامتثالا للأمر العام الذي هو وظيفة من وظائف المسجد في الإسلام على ما كان عليه الحال في كثير من بلدان الإسلام، وخاصة في مصر وإفريقية والقيروان والأندلس والمغرب الكبير.
ولقد غابت هذه الحقائق التي نبهنا عليها عن أذهان بعض الناشئين الذين فاتهم العلم بما كان عليه الحال في هذه البلدان طوال تاريخها الإسلامي، فتوجهت بألسنتها السليطة إلى أئمتنا وقرائنا وعمار مساجدنا ومشايخ التعليم وأئمة الصلوات فيها تنعي عليهم القراءة الجماعية والمحافظة على الحزب الراتب فيها، وتكيل لهم التهم الوضيعة بغير حساب، وترميهم بالابتداع ومخالفة السنة، بدعوى أن ما يفعلونه من القراءة الجماعية، والاجتماع على قراءة القرآن في الحزب الراتب أو غيره، هو في نظرهم من البدع المخالفة للسنة، ومن المحدثات في الدين التي لم تكن على عهد النبوة والعصور الفاضلة، ويدخلون ذلك في جملة منظومة محبوكة حبكا غريبا يكشف عما وراءه وعناصر هذه الأطروحة التي هي معيار الابتداع عندهم في هذه الخماسية التي تتمثل في الالتزامات التالية:
أـ الالتزام بفروع المذهب المالكي في الفقه دون الأخذ بفقه الحديث، وينعتون من يعمل بذلك أو يفتي به بالمقلد والمتعصب، وربما زادوا ألقابا أخرى كالبدعي وغيرها
ب ـ الالتزام بقراءة الإمام نافع من رواية ورش وطريق الأزرق، وهي في نظر كثير منهم رواية شاذة انفرد بها ورش، ولم يعد لها وجود في غير المغرب.
ج ـ الالتزام بالقراءة الجماعية للقرآن، وهي في نظرهم قراءة بدعية لم تكن على عهد السلف الصالح
د ـ الالتزام بقراءة الحزب الراتب في الصباح والمساء، وهو عندهم من المحدثات وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، فهي عندهم بدعة ضلالة
هـ الالتزام بوقف الهبطي، والسنة عندهم الوقف على رؤوس الآي دون غيرها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق